كثر الكلام في ذم زواج التحليل وأن المحلل والمحلل له ملعونان، فهل معني ذلك أنه حرام؟ وكيف تعود المطلقة طلاقا بائنا بينونة كبري إلي زوجها الأول؟.. أسئلة يهم القوارير معرفة الرد عليها.
ويجيبنا علي ما سبق فضيلة الدكتور علوي أمين خليل أستاذ الفقه بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر قائلا:
*التحليل في الزواج: هو أن يتزوج الرجل المرأة المطلقة طلاقا بائنا بينونة كبري، من أجل أن يحلها لزوجها الأول بعد أن بانت منه، وأساس هذه المسألة قول الله سبحانه وتعالي: {فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتي تنكح زوجا غيره..» [البقرة:230]، فإذا طلق الزوج زوجته طلاقا بائنا بينونة كبري -ثلاث طلقات- لم تحل له زوجته حتي تنكح زوجا غيره بنكاح كامل مستوف لكامل الشروط مع الدخول بالمرأة.
فعن الزبير بن عبد الرحمن بن الزبير أن رفاعة بن سموأل طلق امرأته تميمة بنت وهب في عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم ثلاثا، فنكحت عبد الرحمن بن الزبير فإعترض عنها فلم يستطع أن يمسها ففارقها، فأراد رفاعة أن ينكحها وهو زوجها الأول الذي كان طلقها فذكر ذلك لرسول الله صلي الله عليه وسلم فنهاه عن تزويجها، وقال:«لا تحل لك حتي تذوق العسيلة» موطأ الإمام مالك.
هذه هي أساس الفكرة أن لا تعود امرأة قد طلقت ثلاثا إلي زوجها الأول إلا إذا نكحت زوجا غيره بما ذكرناه سابقا.
والمقصود بقول الله سبحانه وتعالي: {فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتي تنكح زوجا غيره...} الزواج الذي لا يكون بقصد التحليل =يعني الزواج الذي يكون للإرتباط الشرعي والإستمرار لا لمجرد التحليل للزوج الأول- فإن قصد التحليل فهذا هو المحلل الذي لعنه النبي صلي الله عليه وسلم وسماه بالتيس المستعار، فقد أخرج الإمام الحاكم في مستدركه عن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بالتيس المستعار؟» قالوا: بلي يا رسول الله، قال: «هو المحلل، فلعن الله المحلل، والمحلل له» رواه ابن ماجه والحاكم.
وقد سار علي هذا الحكم وعمل به أهل العلم من أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم منهم عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعبد الله بن عمر وغيرهم من فقهاء التابعين، فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:لا أوتي بمحلل ولا محلل له إلا رجمتهما رواه ابن المنذر وابن أبي شيبة، وسأل رجل عبد الرحمن بن عمر فقال: ما تقول في امرأة تزوجتها لأحلها لزوجها ولم يأمرني ولم يعلم؟ فقال له ابن عمر: لا إلا نكاح رغبة إن أعجبتك أمسكتها وإن كرهتها فارقتها وإنا كنا نعد ذلك سفاحا في عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم، وعلي ذلك فإن كان الزواج القصد منه التحليل للزوج الأول فهو باطل، والعبرة بالمقاصد والنيات.
أما أسباب هذه الظاهرة فكثيرة، منها: جهل الأزواج وتسرعهم في إطلاق عبارات وألفاظ الطلاق، وقلة الوعي بآثار الطلاق البائن المدمرة، وإزدياد نسبة الطلاق وخصوصا الطلاق البائن بينونة كبري، ورغبة المطلقين في الرجوع إلي بعضهما، فيلجآن لمثل هذه الحيل الآثمة، والجهل بالحكم الشرعي في حرمته شرعا، ورغبة البعض -من المحللين- الحصول علي المال مقابل قيامهم بهذا الأمر.
الكاتب: نورا عبد الحليم.
المصدر: جريدة الأهرام المصرية.